نشطاء يتداولون أوضاع الشيعة في الإمارات بعد محاكمة مواطن شيعي بتهمة «التخابر» مع إيران

الأربعاء 14 يناير 2015 10:01 ص

دأبت وسائل الإعلام الإماراتية مؤخرا على نشر قرارات صادرة عن محاكم الدولة بدون ذكر أسماء للمتهمين من قبيل الإثارة تارة ودرءاً لما قد يسببه الكشف عن أسماء المتهمين من سخط تارة أخرى.

قبل أيام  قررت المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات العربية المتحدة تأجيل النظر في قضيتين منفصلتين، الأولى تتعلق بمواطن شيعي تتهمه السلطات بالتخابر مع السفارة الإيرانية وتزويدها بمعلومات سرية وحساسة عن جهاز الشرطة في دبي وتحدد الثاني من فبراير/شباط موعد للنطق بالأحكام التي لا تقبل طعنا عليها، والأخرى لمواطن (لم تذكر اسمه) متهم بالانتماء إلى «دعوة الإصلاح» الإماراتية المحسوبة على جماعة «الإخوان المسلمين»، وتحددت جلسة 26 يناير/كانون الثاني للاستماع إلى شهود النفي لما هو منسوب إليه من اتهامات.

قضية التخابر مع إيران أثارت بدورها العديد من الأسئلة حول أسباب إخفاء السلطات الإماراتية عن الرأي العام أن المواطن المتهم بالتخابر هو إماراتي شيعي، وهل تجنب السلطات ذكر الطائفة أو المذهب يعد دفعا لردود فعل يمكن أن تصدر من جارتها إيران على غرار ما يجري من ضغوط إيرانية بحق معارض شيعي بحريني بارز أوقفته السلطات البحرينية هناك مؤخراً؟

ويكشف مهتمون بالشأن الإيراني في الخليج أن القيادة السياسية اجتمعت برموز شيعة الإمارات في اجتماعين منفصلين بحسب الثقل الجغرافي. ففي أبوظبي اجتمع ولي عهد أبوظبي الشيخ «محمد بن زايد آل نهيان» بشيعة أبوظبي والعين والمنطقة الغربية، أما الاجتماع الآخر فكان في دبي، وشمل أيضا رموز الشيعة في دبي والشارقة وعجمان ورأس الخيمة وأم القيوين والفجيرة والساحل الشرقي على هامش أحداث البحرين عام 2011 ، حيث دار الحديث حينذاك عن عمق الروابط بين السنة والشيعة في الإمارات وما يتمتع به شيعة الإمارات من حريات في ممارسة طقوسهم الدينية وحرياتهم التجارية والاجتماعية وأن ما يجري من أحداث في منطقة الخليج لا ينبغي أن يسيل لعاب البعض لاجترار ما حدث ويحدث في البحرين ومناطق التواجد الشيعي في السعودية والكويت، مما أبعد شبح انجرار شيعة الإمارات إلى الاصطفاف الطائفي على حساب المواطنة على حد قولهم .

نشطاء عبر «تويتر» ووسائل التواصل الاجتماعي التقطوا خيطا من الخبر ليسلطوا من خلاله الضوء على حجم التواجد الشيعي في الإمارات، ومدى النفوذ المتنامي لإيران رغم العداء الظاهر والخلاف بشأن احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، مستندين لأحد تقارير الحريات الدينية الصادرة عن الخارجية الأمريكية، وإشارته بأن الشيعة في الإمارات باتوا يشكلون حالياً مابين 17 إلى 18% من عدد سكان الإمارات البالغ عددهم أكثر من 8 ملايين وفقا لإحصاءات رسمية عن عام 2013. (ذكر تقرير لجريدة «الشرق الأوسط» اللندنية - نشر في 26 يناير/ كانون الثاني 2007 - إلى أن عدد الإيرانيين، بحسب تقديرات غير رسمية، يقدر بنحو نصف مليون، يتركز معظمهم في دبي).

الشيعة في الإمارات

يقول «سليم الصايغ» أن شيعة الإمارات تختلف كثيرا عن شيعة الدول الخليجية الأخرى لإدراكهم أنهم مواطنون أولا قبل أن يكونوا شيعة، ولم يقفزوا علي المواطنة لصالح الطائفة، في أي وقت من الأوقات حتي لو حانت الفرصة، ولم يعرف عنهم الخروج بموقف أو بيان يحسب لطائفتهم.

ويضيف «مروان النويس» أن شيعة الإمارات حالة مختلفة عن نظرائهم في دول الخليج، فطوال تاريخ تعايشهم مع الغالبية السنية، تمكنوا من الاندماج بصورة شبه كاملة مع باقي مكونات مجتمعهم المحلي، وظلوا يعمقون مفاهيم المواطنة، فلا يوجد إماراتي سني وآخر شيعي.

أما «عبدالرحمن كلنتري» فوصف الشيعة في الخليج بأنهم «خلايا إيرانية نائمة تصحو عند اللزوم»، ورد عليه «حامد الأنصاري» قائلا :«هذا التوصيف جائر في حق الشيعة في الخليج لأنهم في الأساس عرب ولا يجوز تعميم هذا الأمر علي كل شيعة الخليج إذا قام جزء منهم بالتفاعل مع طموحات إيران التوسعية».

أما «بن سلوم» فغرد قائلا: يتركز وجود الشيعة في دبي والشارقة وأبوظبي، ولهم وجود محدود في بقية الإمارات، ويغلب علي المجتمع الشيعي في الإمارات مذهب الإمامية، وتتنوع أصولهم العرقية إلي عرب، وهم البحارنة الذين جاءوا من شرق الجزيرة العربية، مثل البحرين والإحساء والقطيف في السعودية.. وإيرانيين، وأبرزهم اللاريون والأشكنانيون.. وهنود، ومنهم اللواتية، الذين هاجروا قبل قرون من منطقة حيدر آباد الهندية إلي سلطنة عمان، ومنها إلي الشارقة ودبي».

ويضيف «العبودي» قائلاً: «بالإضافة الي المواطنين الشيعة، يوجد في الإمارات عدد كبير من الإيرانيين الشيعة، ووفقا للتقديرات يصل اجمالي عدد الجالية الايرانية إلي500 ألف ايراني يتركز معظمهم في دبي.. كما يقيم في الإمارة أيضا عدد من أتباع طائفة البهرة التي تنتسب إلي المذهب الإسماعيلي، ويقدر عددهم بعدة آلاف، ومعظمهم يحمل التابعية الهندية والباكستانية ولديهم مجمع ديني ضخم بمنطقة النهدة بدبي».

«سعيد كسواني» يكشف في تغريدة له أن كافة جوامع الشيعة وحسينياتهم ومآتمهم ملكا خاصا، ولا تتلقي أي تمويل من الحكومة، وتتبع مجلس الأوقاف الجعفرية الخيرية في إمارة دبي.

ومن أبرز المساجد والمآتم الشيعية في دبي، مسجد الإمام علي، الذي يعد أقدم مساجدهم في الإمارة، ويشرف على سير عمل الجهات الدينية الشيعية في الإمارات مجلس يشرف على متطلباتهم الدينية هو مجلس الأوقاف الجعفرية الخيرية الذي تأسس بمرسوم أميري من حاكم دبي الشيخ «مكتوم بن راشد آل مكتوم» لتسيير أمور الشيعة في دبي، التي يوجد بها أكبر نسبة من الشيعة وفيها أكبر حسينية للشيعة باسم الإمام «علي بن أبي طالب»، وعلى مقربة منه يوجد (مأتم الحاجي ناصر) وهو تاجر من أصل بحريني، ويعتبر (مأتم العدواني) و(مأتم الكراشية) من أشهر المآتم الموجودة في دبي. وللشـيعة في منطقة القصيص في دبي مسجد الإمام الباقر، وهناك الكثير من الحسينيات المتفرقة في دبي وغيرها.

ويضيف «كسواني» في سلسلة تغريدات قائلا: «أما في العاصمة أبوظبي، فلهم عدة حسينيات من أشهرها حسينية الرسول الأعظم، ومأتم البحارنة الكبير، وفي الشارقة يوجد لهم حسينيات عدة منها حسينية الزهراء وهي بناء كبير يتسع للمئات من المصلين وتعد من أقدم الحسينيات في دولة الإمارات».

ويشكل الشيعة الايرانيون والعرب الذين أتوا من البحرين والأحساء غالبية الشيعة في الإمارات، وهناك الشيعة الباكستانيون والبهرة والهنود، وفي إمارة الشارقة يوجد الكثير من الشيعة وأكبر مساجدهم حسينية الزهراء ويتوزع باقي الشيعة في إمارة عجمان وأم القيوين ورأس الخيمة وتتضافر جهود تجار الشيعة في تمويل كل حسينيات الشيعة على أرض دولة الإمارات.

وتنفس الشيعة الصعداء عام 1996م، مع صدور قانون يعد المذهب الشيعي مذهبا معترفا به في الدولة ولأصحابه الحق في ممارسة شعائرهم، وشكل هذا متنفساً لبعض المؤسسات الشيعية لتنشط على أرض الإمارات التي تمددت كثيراً بعد صدور هذا القانون ليصبح لهم صولة وجولة في كل أرجاء البلاد، وتقلد عدد منهم مناصب كبيرة في الإعلام منهم «عبد الله النويس» الذي تقلد في فترة سابقة منصب وكيل وزارة الإعلام والدولة، و«مهدي التاجر» الذي تولى منصب مستشار رئيس الدولة، ومن أشهر عوائلهم في أبوظبي النويس والصايغ، وفي دبي بن سلوم والصايغ و الفردان وآل رحمه والخلصان واللوز كشواني وسجواني وعبودي وأشكناني والأنصاري وغيرها.

 وقد تزايد الحضور الإيراني في دولة الإمارات خلال العقدين الاخرين حيث وصل تعدادهم حالياً إلى ما يزيد عن النصف مليون إيراني برأس مال يزيد عن 200 مليار دولار وظفت من خلال 6500 شركة تجارية في مختلف القطاعات وخاصة في قطاع البنية التحتية والبناء والعمران وفي شتى المناطق الحيوية للدولة، وذلك ما جعل من شيعة الإمارات قوة اقتصادية مؤثرة لا يستهان بها، ويعمل معظم الشيعة في الإمارات في التجارة والمهن البحرية وقطاعات الأعمال وتجارة الذهب.

ثلاث قضايا

سبق للمحكمة الاتحادية العليا في أبوظبي أن نظرت خلال العامين الماضيين في ثلاث قضايا خاصة بتنظيمات سرية تدعي السلطات أنها عملت في الإمارات ووجهت إليها تهما مختلفة بتهديد أمن البلاد، وأبرزها قضية التنظيم السري لـ«لإخوان المسلمين» التابع للتنظيم الدولي، وأصدرت أحكاما ضد عشرات المتهمين الذين بلغ إجمالي عددهم 94 شخصا معظمهم من الجنسية الإماراتية،  يليها ما يعرف بقضية «الخلية الإخوانية المصرية الإماراتية»، وصدرت على خلفيتها أحكاماً بحق ثلاثين مصريا وإماراتيا معظمهم من المصريين المقيمين وعشرة منهم يحملون الجنسية الإماراتية، وكان آخرها تنظيم قضية «أحرار الشام» و«جبهة النصرة» المصنفتين إماراتيا بتبعيتهما إلى تنظيم «القاعدة» الإرهابي، حيث أصدرت المحكمة حكمها حضورياً بحق 11 متهما وغيابيا بحق 4 متهمين في جلستها الثلاثاء التاسع من ديسمبر/أيلول 2014، وبينهما عقدت محاكمات مصغرة لمواطنين من شباب دعوة الإصلاح بتهم إعادة إحياء التنظيم السري وآخرين بسبب تغريدات لهم على «تويتر».

وكان مجلس الوزراء الإماراتي قد اعتمد مؤخرا لائحة تضم 83 تنظيما صنفتها الإمارات منظمات إرهابية، وضمت القائمة العديد من الجماعات أبرزها «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، و«دعوة الإصلاح» بالإمارات، و«أحزاب الأمة» في الخليج و«أنصار الشريعة» في ليبيا وتنظيم «الدولة الإسلامية» و«هيئة الإغاثة الإسلامية»، وعدة جمعيات وتنظيمات محسوبة علي جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر والخليج وأوروبا، بالإضافة إلى أغلب الحركات السنية المسلحة التي تقاتل في سوريا، والميليشيات الشيعية التي تقاتل في العراق وسوريا، غير أنها استثنت «حزب الله» اللبناني.

وتعتقل الإمارات 61 من أعضاء «دعوة الإصلاح» بينهم جميع أعضاء مجلس الإدارة، وذلك بعد إدانتهم بالسجن لمدد تتراوح بين 7 سنوات و15 سنة في محاكمة جماعية لمجموعة من 94 ناشطا إماراتيا، بعد اعتقالهم خلال حملة قمع واسعة النطاق ضد حرية التعبير وتكوين الجمعيات في الإمارات.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الشيعة في الإمارات

اليمن: محاكمة جاسوس إيراني متهم بالتخابر مع «إسرائيل»

غدا .. استكمال محاكمة المتهم الإماراتي بالتخابر مع إيران

تأجيل قضية المتهم الإماراتي بالتخابر مع إيران إلي 9 فبراير المقبل

السجن 7 سنوات لإماراتي في قضية التنظيم السري وحجز قضية التخابر للحكم في 2 مارس

الإمارات: إعادة قضية التخابر مع إيران للترافع .. وتأجيل قضية «عداء دولة أجنبية» إلي 23 مارس

محكمة مصرية تقضي بالمؤبد لـ5 متهمين بالتخابر لصالح إيران